جديد الموقع

من الدراسة إلى الوظيفة: قصتي في جامعة المعارف

*علي حجازي

 

لم يكن طريق التخرّج سهلاً منذ البداية. كثيرة هي الأيام التي لم ننم فيها لإتمام دراستنا، وأخرى استبدلناها بأوقاتٍ كانت مخصّصة لعائلاتنا وأصدقائنا. كثيرة هي اللحظات التي وصلنا فيها إلى ذروة التعب، فأعادت كلمات أساتذتنا القوّة إلينا. لكن الطريق الذي اخترتُه لهذه المسيرة كان واضحًا منذ البداية. عندها وضعتُ حلمي الصغير بين أيدٍ أمينة في جامعة المعارف.

 

ليس اختيار الجامعة أمراً ثانوياً في مستقبلنا، نحن جيل الشباب الحالي في لبنان، مع كل ما يحمله وطننا من تحدّيات اقتصادية وصحّية. إنه قرار مفصلي. اختيار الجامعة يعني تحديد شكل المستقبل الآتي، وإمكانية تحقيق الطموحات الكثيرة، وبناء الصداقات المتينة، وتشييد علاقات وثيقة مع أكاديميين ومتخصّصين في مجال دراستنا. اختيار الجامعة يعني أن نخرج إلى سوق العمل محصّنين بالعلوم والمهارات والقيم المهنية، وأن نخوض غمار المنافسة بثقةٍ وكفاءة عاليتين. هذا وأكثر قدّمته لي جامعة المعارف طيلة سنوات دراستي اختصاص المحاسبة فيها.

 

عندما اخترتُ الاختصاص الذي أُحبّ، كنت في حيرة من أمري حيال الجامعة. كانت الخيارات أمامي كثيرة. لذا رحت أستفسر عن جامعة المعارف، وبعد ما سمعته عن المعايير العلمية والأخلاقية هناك، عرفت أنني اخترت الجامعة المناسبة. طرحتُ رغباتي وهواجسي تلك على مسؤولة دائرة التوجيه في الجامعة، فلم تتردد للحظة واحدة في تقديم المشورة والتوجيه اللازمين، إذ تأكّدت أن خياري يناسب تطلعاتي وآمالي المستقبلية. عندما اخترت جامعة المعارف تيّقنت أنني اخترت الجودة العلمية، التي ربما نجدها في جامعات أخرى. لكنني وجدت في جامعتي قيمة استثنائية. وجدت فيها البيئة الآمنة والمحافظة على المبادئ والقيم الأخلاقية السامية، وأساتذة حرصوا على بناء شخصيتي في نفس درجة حرصهم على الاجتهاد والتفوّق. وجدت فيهم صبر عائلة على أبنائها، وحرص والد على ولده. في جامعة المعارف، لم أتلق العلوم المعرفية والتطبيقية فحسب، بل تعلمت وبجدارة، كيف أكمل هذه الطريق وحدي بعد التخرّج. تعلمت كيف أبحث عن العلم ما دمت حياً، وأن أجد في شغف المعرفة سبيلاً لا ينقطع في التقدّم والتطوّر. فالمهم ليس تلقي المعرفة فحسب، بل أن يُتقن الطالب كيفية البحث عن المزيد من العلم والمعرفة وتطويرها بالأبحاث لإنتاج علمٍ لا تلقيه فحسب.

 

قبل أسابيع، عرفت أن الجامعة بحاجة إلى موظفين جدد، من نفس اختصاصي. سارعت إلى تقديم طلب، مثلي مثل أي خرّيج يحلم بوظيفة جديدة. تفاجأت بحماسة الإدارة تجاه خرّيجيها. أجريت المقابلة المطلوبة. لم يتفاجأوا في قدراتي، فهم الجهة الأعلم بما قدموه لنا. حين أُدرج اسمي على لائحة المقبولين وفق شروط العمل، وبدأت الاستعداد للمقابلات والامتحانات، الواحد تلو الآخر، كان من الطبيعي أن أخشى المنافسة نظرًا لتعدّد الكفاءات المرشحة، لكني كنت على ثقة بشهادتي. وبالفعل، وبفضل الله وبفضل الكفايات التي اكتسبتها على مدى ثلاث سنوات، من أساتذة ومتخصّصين مخضرمين، استطعتُ اجتياز هذه الإجراءات متفوّقاً على بقية المتقدّمين. ما لبث أن مرّ أسبوع، حتى تلقيت اتصالاً من مديرية الموارد البشرية في الجامعة، حيث يعمل خرّيجون زملاء فيها. علمت بقرار الإدارة قبولي موظفاً فيها. لم تسعني الفرحة. كانت دعوات أمي لا تنسى كل من ساعدني للوصول إلى هنا، إلى الخطوة الأولى في المسيرة المهنية الطويلة. وكما تعلمت من الجامعة في قاعاتها، ها أنا اليوم أكتسب منها الخبرات العملية من مكاتبها، من كادر إداري كفوء، احتضنني منذ اليوم الأول لتدريبي وتعريفي على الآليات والأنظمة والتقنيات الجديدة.

 

زملائي الطلاب، كتبت هذه المقالة لأقول لكم أن قرار اختيار الجامعة قرار مصيري، يحدّد غالباً شكل المستقبل الذي سنعيشه. وبالنسبة لي، كان لا بد أن أصل إلى برّ الأمان، بعد أن اخترت البداية الصحيحة، إلى مستقبل آمن يشبه طموحاتي وبيئتي وأحلامي الكثيرة. وبالتأكيد، هذه ليست قصّتي وحدي، لدي زملاء في أقسام ومديريات أخرى، قامت الجامعة بتوظيفهم أيضاً بعد تخرّجهم دون تردد.

 

لا شكّ أن فرصة العمل التي حظيت بها منذ فترة وجيزة هي فرصة ذهبية، فجميع الشباب يحلمون بعد دراستهم بفرصة عمل تراعي تأمين حياة مادية مقبولة، ويمكن فيها التكيّف مع شروط العمل والكفاءات التي يمتلكونها، إلى جانب الاستقرار النفسي. وها هي الجامعة، لم تتوان عن مساعدتنا في إيجاد فرصة عمل مناسبة، داخلها وخارجها، وشجعتنا على تطوير أنفسنا كي لا يكون للحلم أفق. أنا اليوم ممتنٌ لجامعتي لسببين، الأول لأنها قدّمت لي هذه الشهادة العلمية الراقية، والقدرات التطبيقية والتحليلية اللازمة في مجال اختصاصي، ما جعلني أهلاً لاستلام الوظيفة. والثاني هو حرصها على متابعة ورعاية طلابها أثناء دراستهم وتدريبهم وبعدهما. فالشكر لجامعتي، جامعة المعارف، بالأمس واليوم وغداً.

 

*خرّيج اختصاص محاسبة في جامعة المعارف، وموظف في مديرية الشؤون المالية فيها.

إخترنا لك

مادة إعلانية
Script executed in 0.088631868362427