الأمان في العصر الرقمي وأزمة واتساب: مقابلة مع رئيس قسم علوم الحاسوب في جامعة المعارف

مقابلة موقع الضاحية الجنوبية مع رئيس قسم علوم الحاسوب Computer Sciences في جامعة المعارف الدكتور عماد مقدم حول الأمان الرقمي:
تعتبر قضايا الخصوصية الرقمية من أكثر التوجهات التي تستحوذ على اهتمام كبير من مختلف الفئات العمرية، ومع شروع الكثير من الحكومات في جميع أنحاء العالم لتبني تكنولوجيا المراقبة الجماعية وتتبع مواطنيها بحجة الحدّ من تفشي فيروس كورونا، أصبحت قضية الخصوصية أكثر أهمية من أي وقت مضى. في مثل هذا اليوم، كان من المفترض انا يطبّق واتساب سياسياته الجديدة التي تراجع عنها فيما بعد.
1. هناك مخاوف حقيقية للمزيد من فقدان الأمان الرقمي، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت حول تطبيق واتساب وتراجعه فيما بعد، فهل خطوته الجديدة كانت فعلاً للحصول على المعلومات لأول مرة؟ وهل لم يكن قبل ذلك قد حصل عليها بالفعل؟
حاول "واتساب" بالفعل تحديث سياسة خصوصية مستخدميه. وقعت المشكلة الأساسية حين طرح التطبيق الإجراءات الجديدة التي سعت لمشاركة بياناته مع "فايسبوك". خشي الكثير من المستخدمين من أن سياسة الخصوصية المحدثة هذه، والتي كان من المفترض أن تدخل حيّز التنفيذ في الثامن من شباط/فبراير، ستؤدي إلى مشاركة معلومات الملفات الشخصية الحساسة مع الشركة الأم لـ"واتساب" أي "فايسبوك". في الحقيقة، لم يكن ذلك صحيحًا، فالتحديث لم يكن له علاقة بمحادثات المستخدم أو بيانات الملفات الشخصية، بل طرح التغيير لتوضيح إمكانية قيام الشركات التجارية التي تستخدم "واتساب" لخدمات العملاء بتخزين سجلات محادثاتها على خوادم "فايسبوك".
لكن موجة من المعلومات المضلّلة التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لم تساعدها مصداقية "فايسبوك" وسمعته في الخصوصية في التعتيم على التغييرات في مختلف شروط اتفاقيات الخدمة، أدّت إلى ردّ فعل عنيف على "واتساب" ما دفع بالمستخدمين إلى الانتقال إلى تطبيقات أخرى منافسة مثل Signal و Telegram.
2. تتدفق بيانات المتصلين بشبكة الإنترنت من خلال الأجهزة التي يستخدمونها، والتي عادة ما تكون متصلة بالشبكة لفترات طويلة، ما يتيح جمع بيانات المستخدم بشكل دائم، هل يوجد خطوات يمكن اتخاذها لحماية هذه البيانات؟
تعتمد المعلومات التي تم جمعها بشكل كبير على التطبيقات المستخدمة. توفر معظم هذه التطبيقات ميزات في إعداداتها يمكن أن تحدّ من كشف البيانات. على سبيل المثال، يتضمّن تطبيق "غوغل" على "آيفون" ميزة في إعدادات الخصوصية والأمان يمكن أن تمنع "غوغل" من تتّبع موقع المستخدم الجغرافي.
3. يتعيّن على المستخدم تصفح قوائم الإعدادات الخاصة بالأجهزة، وكذلك البرامج والتطبيقات وخدمات الويب؛ حيث يمكن في هذه القوائم إلغاء بعض الوظائف أو تعطيلها. هل هذه الخطوة مفيدة فعلاً في الحماية؟
نعم، لكن هذا يحدّ فقط من البيانات المكشوفة دون تأمين حماية تامة. يتعيّن على مطوري هذه التطبيقات الالتزام بقوانين وقواعد معينة عند جمع بيانات المستخدمين الخاصة أو استخدامها. يتم فرض هذه القيود من قبل الحكومة وقوانينها. ومع ذلك، فإن أفضل حلّ هو اللجوء إلى تطبيقات معروفة ومفتوحة المصدر نظرًا لأن شفرة المصدر الخاصة بهم مكشوفة للجمهور، لذا يصبح إخفاء جمع البيانات مستحيلًا. على سبيل المثال، يعد تطبيق Signal بديلًا مجانيًا ومفتوح المصدر لـ WhatsApp. شهد Signal مؤخرًا زيادة هائلة في عدد مستخدميه إذ يعتبر تطبيقاً آمناً.
4. باعتبار أن خرّيجي اختصاص علوم الحاسوب لديهم إطلاع واسع على برمجة التطبيقات، هل يمكن اعتبارهم الأكثر أمناً إلكترونياً؟
يستطيع طلاب علوم الحاسوب (Computer Sciences) تطوير أنواع مختلفة من التطبيقات، ويعدّوا من "قدامى المحاربين" الذين صمّموا وطوّروا التطبيقات. في جامعة المعارف، نعلّم طلابنا تطوير تطبيقات لسطح المكتب (desktop) والويب (web) والهاتف المحمول (mobile). لذلك، فهم تدرّبوا خلال دراستهم على نوع البيانات المطلوبة عادة للتطوير. وتعتبر معلومات المستخدم الخاصة من نوع البيانات التي يتم جمعها واستخدامها عادةً بواسطة البرامج. يكتسب طلابنا الخبرات اللازمة وهم على دراية تامّة بالتدابير الأمنية المُوصى بها.
5. كيف يمكن أن يساهم المتخصّصون في علوم الحاسوب بالإرشاد والوعي حول الخصوصية الرقمية؟
يتضمن اختصاص علوم الحاسوب (Computer Sciences) مجموعة واسعة من المقرّرات التعليمية التي تشمل دراسة المعايير الأمنية المختلفة في هذا المجال. يمكن لخرّيجي هذا الاختصاص نشر خبراتهم ومعارفهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وإقامة الورشات التوعوية والتدريبية والتطبيقية والندوات العلمية. يمكن للخرّيجين كذلك نشر أفضل الممارسات الموصى بها لمساعدة المستخدمين، من كافة شرائح المجتمع، على حماية خصوصياتهم. وبالمناسبة، توفر جامعة المعارف هذا الاختصاص وهي لا تزال مستمرة باستقبال طلبات الطلاب الجدد لفصل الربيع 20-21 خلال الأيام القادمة، ولا يزال بإمكان المهتمين التسجيل في هذا الاختصاص أو غيره.
6. ما هي المهارات الأساسية التي تقدّمونها للطلاب في هذا الاختصاص في جامعة المعارف، وهل تفيدهم فيما يخص الأمان الرقمي؟
يُعد برنامج علوم الحاسوب (Computer Sciences) في جامعة المعارف برنامجًا حديثًا وغنيًا يتضمن أحدث التقنيات والابتكارات في مجال الحوسبة. يحتوي برنامجنا على أحدث تقنيات تكنولوجيا المعلومات. من بين الموضوعات الرئيسية التي يتضمنها، تم تخصيص مقرّر لـ"أمن الحاسوب" الذي يعالج موضوعات الأمان مع أفضل ممارساتها. يُمكّن هذا المقرّر الطلاب من متابعة دراستهم في شهادات تقنية أمنية معتمدة مثل الأمن السيبراني cybersecurity، بالتعاون مع Cisco أو Huawei. ونشير في هذا السياق إلى أن جامعة المعارف هي شريك معتمد في أكاديمية Cisco Academy.
7. ختاماً، ما هي نصائحكم للجميع فيما يتعلق بالحفاظ على خصوصيتهم على الإنترنت؟
بات استخدام التطوّرات التكنولوجية المتاحة في عصرنا هذا حاجّة ملحّة لا مفرّ منها. يتكامل الإنترنت وخدماته مع تفاصيل حياتنا اليومية. لكن تتّبع كل المخاوف الأمنية لهذه الخدمات يمكن أن يصبح كابوسًا بالنسبة للمستخدمين. لذلك، أنصح باستخدام التطبيقات بأفضل الطرق الممكنة والاستفادة منها قدر الإمكان مع اتخاذ الإجراءات التي ذكرناها سابقاً لأفضل الممارسات، وتجنّب نشر المواد الحساسة مثل الصور الخاصة والفيديوهات وما إلى ذلك عبر الإنترنت.